فن الايبرو (ويعرف أيضا باسم الرسم على الماء) (بالانجليزية: Paper marbling) واحد من أجمل الفنون المعروفة في تركيا، وينتشر حاليا في الكثير من البلدان يعتمد على الرسم على الماء المخلوط بمواد معينة لجعله كثيفا ويستخدم له ألوان خاصة يتم رشها وتشكيلها على السطح بحيث يمكن فيما بعد أخذ ذلك الرسم على ورق مرمري خاص سميك لتحمل الماء.
الايبرو كلمة فارسية تعني الغيوم أو السحاب. عند الأتراك فهي تعني أيضا حاجب العين، والورق الملون والمجزع أو الورق والقماش الملون بألوان مختلفة بشكل مموج يشبه حاجب العين، أو ألوان حجر الرخام. كما تأتي في التركية بمعنى الورق أو القماش الملون الذي يستخدم في تغليف الكتب والدفاتر.
تاريخ الايبرو
يعود إلى عصر السلاجقة أي لعام 1070م، ثم تبعه العصر العثماني عام 1300م، ولقد استخدم هذا الفن اليدوي بشكل واسع في العصر السلجوقي لتزيين وتلوين أغلفة الكتب والدفاتر، وكذا في تزيين لوحات الخط الإسلامي.
وتفيد المراجع الفرنسية أن أول اتصال للأوروبيين به كان بعد فتح القسطنطينية عام 1453م، ومن ثم تطور هذا الاتصال بشكل واسع خلال حكم السلطان سليمان القانوني في عهد الدولة العثمانية، ومن ثم يعد ازدهار أو تراجع هذا الفن اليدوي التقليدي مرتبطا برواج فن الخط الإسلامي أو الاهتمام به.
الأدوات الأساسية المستخدمة في الايبرو
الأدوات المستخدمة لصناعة الايبرو أو للرسم على الماء هي أدوات عديدة تتميز بالبساطة واعتمادها الكلي على الطبيعة، وهي كما يلي:
1- الحوض او الوعاء:
يستخدم لوضع السائل (ماء ومادة صمغية تسمى كيترة) وهو الأرضية اللزجة للرسم عليها ويكون من القصدير أو مادة معدنية وله حواف قائمة لفصل الزائد من السائل على الوارقة الرافعة للون.
2- كيفية تحضير الماء للرسم عليه:
بإضافة مادة صمغية طبيعية تستخلص من الشجر وتسمى "الكيترة" وبإضافة القليل من هذه المادة إلى الماء تزيد من تماسك جزيئات الماء وتجعلها وسط مهيئ تماما للرسم عليه.
ومن أهم الملاحظات التي يجب مراعاتها في استخدام هذه المادة هي النسبية (بمعدل معلقة شاي صغيرة لكل لتر ماء) وبالتمرس على تحضير السائل تتوافق رجة انتشار اللون على سطح الماء وأيضا اتساع حركة السحب عند الرسم وتقل لزوجة السائل بسحب عدد من الرسمات على سطحه فيمكنك استخدام الماء المعد لصناعة أكثر من لوحة.
3- الفراشي أو المرش:
تصنع من ذيل الخيول وتتميز بثنيها وقسوتها، وتستخدم لرش اللون على اللوحة بطريقة معينة.
4- الإبر والمشط والنفخات:
كلها أدوات تستخدم تشكيل الرسم وسحبها سواء بمسافات متساوية أو بطريقة حرة
5- الورق:
يمكن استخدام العديد من أنواع الورق بشرط ألا يترك مسافات هوائية وأن تكون سماكته كافية لكي لا يتمزق بفعل الماء، ويمكن أن يبدل بالقماش والكثير من الخامات.
6- الألوان المستعملة:
كلها ذات منشأ طبيعي، مثل: اللون الأصفر من عنصر الكبريت، واللون الأسود من الفحم، واللون الأحمر من أكسيد الحديد وهكذا.
طريقة العمل
بعد إعداد وتجهيز الأدوات سابقة الذكر نقوم بما يلي:
1- نفرغ المحلول الصمغي أو الجلاتيني في الإناء، ثم ندعه يستقر، ونأخذ قطعة من الجريدة بنفس مساحة الحوض ونسحبها على السائل حتى نزيل الفقاعات والشوائب المتكونة على سطح السائل.
2- نأخذ لون بواسطة القطارة ونضع اللون على السائل بكل هدوء، وحاول أن تقرب فوهة القطارة من سطح السائل بحيث نجعل فوهة القطارة لا تبعد عن سطح السائل أكثر من سنتيمتر واحد حتى لا تسقط القطرات بقوة وتذهب أسفل الإناء . وإنما نجعلها طافية، ويجب أن تراعي عند التلوين ترتيب الألوان الغامقة ثم الألوان الفاتحة . وبعد التقطير ستجد اللون يبدأ في الانتشار.
3- نستعمل لون آخر أو حسب تشكيلك للتصميم، ثلاثة أو أربعة ألوان كافية في كل تصميم لوني.
4- نستخدم الإبرة أو أعواد الأسنان ونقوم بسحب اللون ببطء على سطح السائل كما نريد وكأننا نرسم لوحة فنية، وكذلك يمكننا استخدام الأمشاط، وهنا يجب أن ننتبه إلى إننا لا نستخدم المشط أكثر من مرة في التصميم الواحد كي لا يتلف التصميم.
5- بعد أن ننتهي من التصميم والرسم على السائل نأخذ الورقة المدهونة بكبريتات الأمونيوم ونضعها برفق وهدوء على سطح السائل الملون ثم نتركها مدة (4-6 ) ثواني ثم نرفعها بأخذ أحد أطرافها برفعه إلى الأعلى حتى ترتفع الورقة كاملة، وبكل هدوء حتى لا يفسد التصميم في السائل.
6- نمسك الورقة بشكل معلق ونسكب عليها الماء البارد لإزالة السائل الصمغي أو الجلاتيني من سطح الورقة على أن يكون سكب الماء بشكل رقيق كي لا يتأثر التصميم.
7- نعلق الورقة كما نعلق الغسيل على الحامل حتى تجف.
8- إذا كانت هناك تجاعيد على الورقة نقوم بكويها بحرارة متوسطة ونضع قطعة من القماش الأبيض عليها ثم نمرر عليها المكواة، ويضاف إليها سائل الكيترة والماء لتهيئة للرسم بها.
أنواع وأشكال
لا يتوقف فن الايبرو على الرسم فوق الورق والقماش فقط، بل يستخدم أيضا كأشكال جميلة ترسم فوق القطع الخشبية والسيراميك والقيشاني والشمع. ومن ثم هناك أشكال وأنواع مختلفة لهذا الفن تنطلق من أسماء الزهور والورود التي أقيم عليها هذا الفن عبر تاريخه الطويل، فهناك ايبرو الورد والزهور، مثل "زهور الياسمين واللاله والقرنفل والسنبل"، ويطلق عليه أيضاً اسم ايبرو نجم الدين؛ لأن مستحدثه كان الفنان الراحل نجم الدين أوقياي.
وهناك ايبرو بطال والايبرو القديم وايبرو التمشيط وايبرو الخطيب أو "شرقي فلك" الذي ينسب لمحمد أفندي خطيب جامع آيا صوفيا الذي اشتهر بهذا النوع.
مشاهير الايبرو
من أشهر رسامي الإيبرو:
- محمد أفندي خطيب جامع آيا صوفيا (ت 1773م).
- الشيخ صادق أفندي (ت 1846م).
- إبراهيم أدهم أفندي (ت 1904م).
- الخطاط سامي أفندي (ت 1912م).
- ساجد أوقاي (ت 1915م).
- سامي نجم الدين أوقياي (ت 1933م).
- الخطاط عزيز أفندي (ت 1934م).
- عبد القادر قدري أفندي (ت 1942م).
- نجم الدين أوقياي (ت 1976م).
- الخطاط أمين باران.
- حكمت بارودجي جيل وزوجته فوسون بارودجي من الجيل الحالي.
- الخطاط محمد أوغور درمان
الايبرو في الوقت الحاضر
بعد الإهمال الذي تعرض له فن الأبرو بزوال الدولة العثمانية (ألغيت عام 1923) التي كان سلاطينها وباشاواتها وأميراتها يرعون الفنون بشكل بارز؛ عاد هذا الفن لينتشر من جديد على أيدي فنانين أتراك فى الربع الأخير من القرن الماضي. ومن الأدلة على الاهتمام الذي يوليه أتراك اليوم بهذا الفن أن وضعت ستارة ضخمة من القماش ورسوم الأبرو عليها اسم بلال أردوغان، ابن طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية وعروسه ريان، كخلفية للمسرح الذي شهد التوقيع على عقد الزواج يوم 10-8-2003.
ويقول حكمت بارودجي: إنه حين كان يتلقي دروس علم المخطوطات عام 1971 على أيدي الفنان والخطاط الراحل أمين باران، وجده غاضباً من إهمال الدولة لهذا الفن التقليدي، وحين ذهب لمكتبة السليمانية بإستانبول للاطلاع على المخطوطات شد انتباهه الزخارف والألوان التي تحيط بأغلفة الكتب، فعرف أن هذا هو فن الأبرو. ويضيف: "مع ملاحظة أن أمين باران (ت 1987م) شغفا بهذا الفن أرسلني للفنان مصطفى دُزجون مَان (ت 1990م) في دكانه بحي أسكُدار بإستانبول لأجده يدير تجارة للعطارة، وكان غاضباً هو الآخر من تدهور وضعية هذا الفن وعدم الاهتمام به، فلم أحصل على ما أريده منه ولكني سعيت بكل ما أملك وبجهودي لتعلم هذا الفن وإعادة الاعتبار له"، وبعد مشوار طويل لإعادة الاعتبار لهذا الفن الأصيل أقيم قسم لتدريس فن الأبرو في أكاديمية الفنون الجميلة في مطلع التسعينيات بجهود من الفنان حكمت بارودجي جيل، وهو الفنان الذي ما زال يعلم الأجيال التركية هو وزوجته حتى اليوم أصول هذا الفن الحديث القديم.
ويرى بارودجي أن مقولة "معرفت إلتفاته تابعدر: أي المعرفة ترتبط بالشغف" التي ورثناها من العصر العثماني كانت دافعا ومعبرا عن حالة الاهتمام والشغف التي أولاها أبناء ذاك العصر للفنون، ومن بينها فن الأبرو.
وبجهود الفنان حكمت بارودجي وقسم الأبرو بأكاديمية الفنون التركية أقيم أول مؤتمر دولي للأبرو في إستانبول عام 1997.
تعليقات
إرسال تعليق